يوجد في الويب فرص كبيرة لإثبات مشاريعنا. صور فوتوغرافية، خطوط كتابية، فيديوهات و برمجيات في أغلب الأحوال، نستعمل عدة مصادر أو تطبيقات لإنجاز مشاريعنا، سواء كانت مدفوعة الثمن أو مجانية، من المفروض و المحتم أن تكون لهذه المصادر تراخيص لاستعمالها، بمعرفتك لهذه التراخيص تكون قد استعملت المصدر بطرق قانونية و خطوات ثابتة لكي لا تتعرض لمناوشات قانونية مستقبلا.
سنستعرض و إياكم في هذه المقالة المبادئ الأولية لحقوق الطبع و التراخيص، ثم نطلعكم على أهم التراخيص المستعملة في مشاريعنا.
ملاحظة: أنا لست محاميا أو مستشارا قانونيا، كما أن هذه المقالة لا تعد استشارة قانونية، إنما هي حوصلة مراجع مررت عليها من خلال سنوات العمل الماضية.
حقوق الطبع و التراخيص
عندما ننشئ شيئا ــ لنقل صورة فوتوغرافية كمثال ــ نكون نحن من نملك حقوق طبعها، التي هي حقوق حصرية لصاحب العمل. لنا الصلاحية الكاملة لتحديد من غيرنا يستطيع استعمال عملنا و بأي طريقة. كمثال: أستطيع أن أسمح بطباعة صورتي الفوتوغرافية لكن لا أسمح باستعمالها في موقع آخر، و هذا بتحديد شروط استعمال لها، هذه الحقوق تصنف في عبارة مشهورة و هي الملكية الفكرية.
بذلك أستطيع جعل صورتي الفوتوغرافية مجانية الاستعمال، أو أجعل لها ثمن محدد، أو أجعل استعمالها المجاني بتوافق شروط ما. في حالة دفع ثمن الصورة لا يعني ذلك بأن مستعملها له التحكم الكامل بها، بل يتقيد بشروط أضعها له، مثل قابلية إعادة بيعها أو المدة المحددة لاستعمالها …الخ.
لنقل مثلا بأنني أعمل لدى شركة مثل Arab Smash و أنشئت مقالة في الموقع، سيكون للموقع ملكية نشر المقالة حصريا، أما أنا فأملك ملكية عدم تغيير و لا حرف واحد فيها حتى و لو كان ذلك من إدارة الموقع نفسه، ببساطة لأنني المتحدث في المقالة و لا يستطيع الموقع التحدث نيابة عني.
المفاهيم القانونية لحقوق الطبع معقدة بعض الشيء، لكن ما نتحدث عنه هو تبسيطات في المفاهيم.
ما هو الاستعمال العادل؟
الاستعمال العادل هو استثناءات من الحقوق التي يملكها صاحب الإنجاز، تستخدم هذه الطريقة في عدة دول نذكر منها الولايات المتحدة الأمريكية و المملكة المتحدة كمستعملين أساسيين، أما الاستعمالات المحددة لها في الدول العربية تختلف على حسب الدولة، لكن أضن بأن استعمالها قانوني جدا. تحدد هذه الاستثناءات في حالة انعدام الاستعمال التجاري، مثلا كأن يستعمل مقالتي بعض طلاب الجامعة أو أساتذتهم في بحوث علمية …الخ.
ما هي الملكية العامة؟
الأعمال التي تنتمي للملكية العامة لا تنسب إلى مالك معين لحقوق طبعها. تستطيع استعمالها، تغييرها، إعادة نشرها في محتواك الخاص. لكن لا يمكن أن تطالب بحقوقك لها لأنها ليست ملكية خاصة بك. تنتج هذه الأعمال العامة بعدة طرق مثل انتهاء صلاحية حقوقها المطبعية بعد مرور 50 أو 70 سنة على موت صاحبها في معظم الدول، بعد عمر مديد لكل قرائنا الكرام.
الاختصاص القانوني
لكل دولة أسلوب في التعامل مع حقوق الطبع، لكن يوجد العديد من الاتفاقيات الدولية في هذا الصدد. هذه الاتفاقيات تختلف عن العقود القانونية المعتاد استعمالها في حياتنا اليومية، المطلب هنا هو السؤال عن ما هي الاختلافات المستعملة في هذا الاختصاص القانوني.
اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية و الفنية أنشئت سنة 1886، تعد هذه الاتفاقية كتعاون دولي للتوافق على نفس القواعد أو معظمها لحماية حقوق الطبع في حالة تطور الإشكال إلى مسألة دولية وهذا ما نستعمله في مجالاتنا الإلكترونية، بحيث نوفر منتجاتنا لمختلف الدول. تم إمضاء هذه الاتفاقية من طرف 164 دولة.
عندما أقول بأن مقالتي محفوظة الحقوق المطبعية و أنا في الجزائر أقصد كل الدول في العالم، لأن المقالة منتشرة خارج الوطن الذي أقطن فيه، و بذلك أكون قد استعملت اتفاقية برن تلقائيا.
إن كنت تقرأ هذه المقالة الآن فأستطيع الجزم بأنك تملك عملا في الويب أو بصدد الولوج فيه. بذلك أنصحك باحترام كل ذي حق، لأنه محمي باتفاقيات دولية لست بحاجة لوضعها في جدول أعمالك المستقبلية.
مصطلحات التراخيص
يمكننا بناء التراخيص من العدم، لكن معظم الناس يختارون التراخيص المعتاد العمل عليها دوليا. في هذا الجزء سنبين لكم أهم المصطلحات المستعملة في التراخيص الخاصة بالمجال البرمجي و التصميمي للويب، خاصة المجال المجاني.
حتما يوجد اختلافات أساسية بين هذه المصطلحات، من حيث المعنى و مكان الاستعمال.
- النسخ: نسخ بسيط عن العمل الأصلي.
- التعديل: تعديل العمل قبل استعماله.
- اشتقاق العمل: تعديل العمل لإنشاء عمل جديد.
- النشر: إعطاء الصلاحية لشخص آخر بنشر العمل الخاص بك.
- إعادة النشر: إعطاء الصلاحية لشخص آخر بنشر العمل الخاص بك تحت شروط محددة.
- المشاركة: نشر العمل في نفس المجال المحدد، مثل نشر محتوى صديقك في موقع Facebook.
- الائتمان: تحديد المالك الأصلي لحقوق الطبع.
- ملاحظة حقوق الطبع: رمز © يعلمنا بأن الحقوق ملك للمؤسسة أو الشخص المذكور بعد الرمز.
- جميع الحقوق محفوظة: تجعل كل القواعد الخاصة بالحقوق محققة في العمل بدون استثناء، مما يعني عدم استعمال العمل في أي حال من الأحوال.
بوجود هذه المصطلحات في عقلك الآن، سنتعمق أكثر لنتحدث عن التراخيص الإبداعية.
الإبداعات
أوجد لاورنس ليسينج الحقوق الإبداعية (CC) سنة 2001 لإنشاء مفاهيم بسيطة حول الحقوق المطبعية و التراخيص الخاصة بالإبداعات المنتشرة في الويب.
لتراخيص الأعمال الإبداعية ستة تنوعات، تجمع في غلاف يستعمل في عدة مجالات لتحديد قابلية استعمال العمل لأغراض تجارية، قابلية تعديلها أو اشتقاقها لعمل جديد.
- CC Attribution: تسمح بالاستعمال الكامل للعمل.
- CC Attribution-ShareAlike: نفس النوع السابق لكن في نفس المجال المحدد، مثل تعدد النشر على موقع Facebook.
- CC Attribution-NonDerivs: السماح بإعادة النشر لكن دون تعديل العمل.
- CC Attribution-NonCommercial: كل شيء مسموح إلا الاستعمال لغرض تجاري.
- CC Attribution-NonCommercial-ShareAlike: نفس النوع السابق لكن يستعمل في نفس المجال المحدد.
- CC Attribution-NonCommercial-NoDerivs: السماح بإعادة النشر دون تعديل العمل لكن للغرض الغير تجاري فقط.
كما نرى هنا، يوجد ستة استعمالات للتراخيص الإبداعية تشير إلى شروط صاحب العمل المحددة من طرفه. بحيث يمكننا استعمالها على الطريقة التالية كمثال توضيحي:
موقع Arab Smash يحتوي على الصورة المحددة باسم {صورة جميلة}، متاحة الاستعمال تحت غطاء التراخيص الإبداعية، © Arab Smash.
كما يمكنك إعلام المستعمل بمكان تواجد شروط الاستعمال مثل التي نستعملها في الموقع Arab Smash، لكي يتعرف على التفاصيل المحددة من طرفك قبل الشروع في استعمال العمل الخاص بك.
تراخيص البرمجيات
للبرمجة المكتوبة حقوق مطبعية، بحيث تكون أنت من تملك هذه الحقوق بما أنك أنت من كتب الكود المدمج في البرمجة، مثل سكريبت VB، WordPress أو Joomla …الخ. بحيث تصنف مع الأعمال المسماة ببراءة الاختراع. بحيث يتم تحديد شروط للبرمجيات عند استعمالها، يمكن أن نقسمها إلى التفاصيل التالية:
- كيفية نشر و تعديل العمل.
- إمكانية اشتقاق العمل لصالح مصادر مفتوحة.
- ملاحظات أخرى حول إعادة النشر و حقوق الطبع.
نستعرض و إياكم بعض التراخيص المستعملة كثيرا في البرمجيات:
ترخيص MIT:
يعد الترخيص MIT الأكثر انفتاحا. حيث يضع الأعمال في حيز الملكيات العامة على نحو فعال جدا، و يسمح بكافة الاستعمالات المتعددة بكامل تفاصيلها مثل النسخ و التعديل و النشر …الخ. خلاصة القول هي أن استعمال هذا الترخيص يتيح للمستعمل عمل أي شيء حتى و لو كان المتاجرة بمنتجك.
ترخيص BSD:
الترخيص BSD يشبه تقريبا الترخيص MIT. تم إنشاء النسخة الأصلية منه سنة 1990، ثم تم تعديله سنة 1999. ببساطة الترخيص MIT و الترخيص BSD يتيحان لنا كل الحرية في استعمال المنتجات المنسوبة إلى أحدهما، لكن هذا الترخيص يقدم بعض الشروط الإضافية.
ترخيص Apache:
الترخيص Apache أحسن من الترخيصين السابق ذكرهما، لأنه يسمح بحرية التعامل مع المنتج لكن في شروط محددة مسبقا خاصة بالموقع أو البرنامج.
ترخيص GNU/GPL :
تم كتابة الترخيص أولا بواسطة ريشارد ستالمان سنة 1989، الترخيص GPL يملك حاليا النسخة الثالثة منه التي تم كتابتها سنة 2007. يملك اختلافات في قواعده الإستعمالية لا يسعني التفصيل فيها الآن، لكنني أنصح بها كترخيص ينفعك في برمجياتك، لما لها من تحديدات كثيرة، مما يسبب استحالة هروب سارق الحقوق الخاصة بك من يد القانون.
أين يتم استعمال التراخيص؟
نعلم بأن موقع Wikipedia يستخدم الترخيص الإبداعي السابق ذكره Attribute-ShareAlike، أما Flickr فيسمح لمستخدميه اختيار نوع الترخيص الإبداعي الخاص بصورهم بأنفسهم. ماذا أيضا؟
معظم المكتبات الخاصة بالجافا سكريبت تستخدم تراخيص بطبيعة الحال. JQuery يستخدم الترخيصين MIT و GPL مع بعضهما كمثال.
معظم برمجيات الويب المفتوحة المصدر تستخدم تراخيص لحقوقها. مثل WordPress و Drupal يستخدمان الترخيص GPL، كما يتم استعمال هذا الترخيص لكل ثيماتهما و الإضافات الخاصة بهما. مما يعني أنك تحت تصرف هذا الترخيص تلقائيا بمجرد إنشائك لثيم خاص بـ WordPress أو إضافة.
هل يحتاج عملي لترخيص؟
إن كنت تنشر محتويات على الويب، صور فوتوغرافية، مدونة لمقالاتك، صوتيات أو فيديوهات. ننصحك أن تضيف جملة {جميع الحقوق محفوظة} لتتحكم بعملك الخاص كليا.
إلا إن كنت تريد السماح ببعض الترخيصات أو الاستعمالات الخاصة، فيمكنك أن تحدد ذلك في صفحة أو ملف خاص يحتوي على شروط الاستخدام الخاصة بعملك.
مثلا: موقع Flickr يملك كل الحقوق المحفوظة ما عدا السماح بتحميل الصور و استعمالها حسب تحديد صاحب الصورة.
خلاصة القول
بهذه المعلومات صرت تمتلك مفاهيم راسخة حول حقوق الطبع و التراخيص، لماذا نحتاجها و كيف تعمل. بفهمنا لها نستطيع التقدم في إبداعاتنا الخاصة بالويب دون خوف.
في الأخير أنصح بالحيطة و الحذر في اقتناء المصادر المستعملة في محتوياتك، خاصة نحن العرب … لما كثر لدينا و تفشى عندنا ما يسمى بظاهرة التقليد.
أكرر القول أن هذه المقالة ليست نصيحة رسمية، يمكنك استشارت أحد رجال القانون المختصين في هذا المجال لتبيين الإشكالات الحاصلة لديك.
هل أعجبك الموضوع ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق